تمكين المرأة السعودية- مستقبل واعد في قطاع التعدين

المؤلف: وفاء الرشيد10.17.2025
تمكين المرأة السعودية- مستقبل واعد في قطاع التعدين

يشهد قطاع التعدين في المملكة العربية السعودية نقلة نوعية متسارعة، تتماشى مع الطموحات الجريئة لرؤية المملكة 2030، الرامية إلى تنويع مصادر الدخل القومي وتعزيز مساهمة المرأة في مسيرة التنمية الاقتصادية. تاريخيًا، كان هذا القطاع حكرًا على القوى العاملة الذكورية، إلا أن التحولات العميقة التي شهدتها السنوات الأخيرة قد أعادت تشكيل الخريطة، لتتبوأ المرأة مكانة محورية في نموه وازدهاره.

لطالما كانت مساهمة المرأة في قطاع التعدين محدودة، وذلك نظرًا لمجموعة من التحديات الاجتماعية والبيئية. إلا أن المملكة العربية السعودية بادرت إلى إطلاق مبادرات إصلاحية وبرامج حكومية طموحة، تهدف إلى تمكين المرأة وإزالة العوائق التي تعترض طريقها نحو المشاركة الفاعلة.

وفي هذا السياق، أطلقت وزارة الصناعة والثروة المعدنية برامج تدريبية مكثفة ومتخصصة تستهدف المرأة، مما أتاح لها الفرصة للعمل في مجالات تقنية متقدمة، مثل الهندسة الجيولوجية، وإدارة العمليات، وحماية البيئة. وفي خطوة رائدة، تم تدريب أكثر من 60 امرأة للعمل في قطاع التعدين لأول مرة، مما يؤكد التقدم الملحوظ نحو تطوير الكفاءات النسائية في هذا الميدان الحيوي.

كما ساهمت المشاريع العملاقة، مثل «نيوم» و«معادن»، في دعم دور المرأة من خلال تبني سياسات شاملة ترسخ التنوع والابتكار. وبفضل أكثر من 38 مبادرة لتطوير قطاع التعدين، بما في ذلك المسح الجيولوجي الأضخم على مستوى العالم، والذي تم إنجاز 90% منه، أصبحت المملكة في موقع قوي يؤهلها لقيادة الاستثمار في هذا القطاع الاستراتيجي.

على الصعيد العالمي، حققت الدول المتقدمة إنجازات ملموسة في دمج المرأة في قطاع التعدين. ففي كندا وأستراليا، تشكل النساء ما يقارب 15-20% من القوى العاملة في هذا القطاع، وذلك بدعم من برامج مخصصة تهدف إلى تعزيز مشاركة المرأة في الأعمال الميدانية وتنمية القيادات النسائية.

ومع ذلك، لا تزال المملكة تواجه بعض التحديات المتعلقة بالتقبل المجتمعي الكامل لعمل المرأة في المواقع الميدانية. ورغم ذلك، تُعد المملكة من بين الدول الرائدة في المنطقة التي تعمل على إحداث تحول جذري في هذا القطاع، من خلال تبني سياسات تشجع مشاركة المرأة وتضمن تحقيق المساواة الكاملة.

وعلى الرغم من الإنجازات الملموسة، تواجه المرأة في قطاع التعدين بعض المعوقات، من بينها:

1- طبيعة العمل الصعبة: يتطلب قطاع التعدين العمل في مواقع نائية ذات ظروف قاسية، مما قد يشكل تحديًا للعديد من النساء.

2- التفاوت في الأجور: لا تزال النساء في بعض الدول يعانين من فجوة في الأجور مقارنة بالرجال في المناصب نفسها.

3- صعوبة التوفيق بين العمل والحياة: تتسم طبيعة العمل في التعدين بساعات طويلة وغير منتظمة، مما يجعل من الصعب تحقيق التوازن بين الالتزامات المهنية والأسرية.

وللتغلب على هذه التحديات، يمكن تطبيق حلول عملية تدعم مشاركة المرأة في قطاع التعدين، مثل:

• اعتماد سياسات عمل مرنة تراعي احتياجات المرأة وتطلعاتها.

• تهيئة بيئة عمل أكثر شمولية وأمانًا وجاذبية.

• زيادة الاستثمار في برامج التدريب والتطوير المهني لتمكين المرأة.

• تعزيز دور المرأة في المناصب القيادية والإدارية داخل القطاع.

وبفضل الدعم الحكومي المتواصل والإصلاحات التنظيمية الشاملة، من المتوقع أن يشهد قطاع التعدين السعودي نموًا مطردًا في مشاركة المرأة خلال السنوات القادمة. ويأتي هذا التوجه مدعومًا بالتطورات العالمية نحو الحياد الكربوني، الذي سيتطلب زيادة كبيرة في إنتاج المعادن اللازمة لتطوير تقنيات الطاقة النظيفة.

المملكة العربية السعودية، التي نجحت في استكمال الجزء الأكبر من أعمال المسح الجيولوجي في إطار رؤيتها الطموحة، تقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة تؤهلها لتتبوأ مكانة مرموقة ضمن أفضل عشر دول عالميًا في تطوير استثمارات التعدين.

إن مشاركة المرأة في هذا القطاع ليست مجرد إضافة اقتصادية، بل هي ركن أساسي لتحقيق الاستدامة والابتكار، كجزء لا يتجزأ من رؤية المملكة الطموحة لبناء اقتصاد مستدام وشامل. وبفضل الإصلاحات الشاملة والسياسات الطموحة، تمضي المملكة قدمًا نحو مستقبل واعد، تتبوأ فيه المرأة مكانة ريادية في صناعة التعدين، مما يعزز مكانتها كنموذج يحتذى به في تمكين المرأة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة